كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال: لا تعجل حتّى أكتب وصيّتي، قال: نعم، قال: فدعا بالسفط فأعطاه ثلاث صحائف، وقال: كلّ هذا راجعت فيه كسرى وأنت أردت أن تقتلني بكتاب واحد، فَردَّ المُلْكَ إلى أخيه. فكتب شهريراز إلى قيصر ملك الروم: إنّ لي إليك حاجة لا يحملها البريد ولا تبلغها الصحف فألقني ولا تلقني إلاّ في خمسين روميًّا فأنّي ألقاك في خمسين فارسيًّا.
فأقبل قيصر في خمسمائة ألف رومي وجعل يضع العيون بين يديه في الطريق وخاف أن يكون قد مُكرَ به حتّى أتاه عيونه أنّه ليس معه إلاّ خمسون رجلًا ثمّ بسط لهما والتقيا في قبّة ديباج ضربت لهما ومع كلّ واحد منهما سكين، فدعيا بترجمان بينهما فقال شهريراز: إنّ الذين خرّبوا مدائنك أنا وأخي بكيدنا ومكرنا وشجاعتنا، وإنّ كسرى حسدنا وأراد أنْ أقتل أخي فأَبيت.
ثمّ أمر أخي أن يقتلني. فقد خلعناه جميعًا فنحن نقاتله معك، قال: قد أصبتما ثمّ أشار أحدهما إلى صاحبه أنّ السرّ بين اثنين فإذا جاوز اثنين فشا، فقتلا الترجمان جميعًا بسكّينيهما فأُديلت الروم على فارس عند ذلك فأتبعوهم يقتلونهم ومات كسرى.
وجاء الخبر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الحديبية ففرح ومن معه، فذلك قوله عزّ وجلّ: {الم غُلبَت الروم في أَدْنَى الأرض} يعني أدنى الأرض من أرض الشام إلى أرض فارس وهي أذرعات.
قال ابن عبّاس: طرف الشام. مجاهد: أرض الجزيرة. مقاتل: الأردن وفلسطين، عكرمة: أذرعات وكسكر. مقاتل بن حبان: هي ريف الشام.
{وَهُم مّن بَعْد غَلَبهمْ} أي غلبتهم فحذفت التاء منه كما حذفت من قوله: {وَأَقَامَ الصلاة} [البقرة: 177] وانّما هو إقامته.
وقرأ أبو حيوة الشامي {غَلْبهمْ} بسكون اللام وهما لغتان مثل الطّعْن والطَعَن.
{سَيَغْلبُونَ} فارس {في بضْع سنينَ} وقرأ عبدالله بن عمرو وأبو سعيد الخدري والحسن وعيسى بن عمر {غَلَبهمْ} بفتح الغين واللام {سَيَغْلبُونَ} بضم الواو وفتح اللام.
قالوا: نزلت هذه الآية حين أخبر الله عزّ وجلّ نبيّه صلى الله عليه وسلم عن غلبة الروم فارسَ، ومعنى الآية: الم غلبت الروم فارس في أدنى الأرض إليكم. وقرأ سعيد بن جبير وطلحة بن مصرف في أداني الأرض بالجمع {وَهُم مّن بَعْد غَلَبهمْ} سيغلبهم المسلمون. {في بضْع سنينَ} وعند انقضاء هذه المدّة أخذ المسلمون في جهاد الروم.
أخبرنا محمد بن عبدالله بن حمدويه، عن الحسين بن الحسن بن أيّوب، عن علي بن عبدالعزيز قال: أخبرني أبو عبيد عن حمّاد بن خالد الخيّاط عن معاوية بن صالح عن مرتد بن سمي قال: سمعت أبا الدرداء يقول: سيجيء قوم يقرأون: {الم غُلبَت الروم} وإنّما هي {غُلبَت الروم}. قال أبو عبيد بضم الغين يعني الأخيرة.
قوله: {للَّه الأمر من قَبْلُ وَمن بَعْدُ} يعني من قبل دولة الروم على فارس ومن بعد وهما مرفوعان على الغاية. {وَيَوْمَئذٍ يَفْرَحُ المؤمنون بنَصْر الله} الرومَ لأنّهم أهل كتاب، وبنصر الله المؤمنين على الكافرين {يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ العزيز الرحيم}.
أخبرني الحسين بن محمد بن فنجويه عن عبدالله بن محمد بن شنبه، عن علي بن محمد ابن هامان، عن علي بن محمد الطّنافسي عن النعمان بن محمد عن أبي إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فارس نطحة أو نطحتان» ثمّ قال: «لا فارس بعدها أبدًا، والروم ذات القرون أصحاب بحر وصخر، كلّما ذهب قرن خلف قرن، هيهات إلى آخر الأبد».
{وَعْدَ الله} نصب على المصدر {لاَ يُخْلفُ الله وَعْدَهُ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهرًا مّنَ الحياة الدنيا} يعني أمر معايشهم كيف يكتسبون ويتّجرون ومتى يغرسون ويحصدون وكيف يبنون ويعيشون.
{وَهُمْ عَن الآخرة هُمْ غَافلُونَ} وبها جاهلون ولها مضيّعون، لا يتفكّرون فيها ولا يعملون لها. فعمّروا دنياهم وخرّبوا آخرتهم.
{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا في أَنفُسهمْ مَّا خَلَقَ الله السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إلاَّ بالحق وَأَجَلٍ مُّسَمًّى} يعني ولوقت معلوم إذا انتهت إليه فُنيت، وهو يوم القيامة.
{وَإنَّ كَثيرًا مّنَ الناس بلقَاء رَبّهمْ لَكَافرُونَ أَوَلَمْ يَسيرُوا في الأرض فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقبَةُ الذين من قَبْلهمْ كانوا أَشَدَّ منْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأرض} حرثوها وقلّبوها للزراعة والعمارة. {وَعَمَرُوهَآ أَكْثَرَ ممَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات} فلم يؤمنوا وأهلكهم الله عزّ وجلّ.
{فَمَا كَانَ الله ليَظْلمَهُمْ ولكن كانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلمُونَ ثُمَّ كَانَ عَاقبَةَ الذين أَسَاءُوا} العمل {السواأى} يعني الخلّة التي تسوؤهم وهي النار. وقيل: {السّوأى} اسم لجهنّم كما أنّ {الحسنى} اسم للجنة.
{أَن كَذَّبُوا} يعني لأن كذّبوا. وقيل: تفسير {السّوأى} ما بعدها وهو قوله: {أَن كَذَّبُوا} يعني: ثمّ كان عاقبة المسيئين التكذيب حملهم تلك السيئات على أنْ كذَّبوا {بآيَات الله وَكَانُوا بهَا يَسْتَهْزئُونَ} استهزءوا بها.
{الله يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعيدُهُ ثُمَّ إلَيْه تُرْجَعُونَ وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يُبْلسُ المجرمون}.
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: {يبلس} يكتئب. أبو يحيى عنه: يفتضح. قتادة ومقاتل والكلبيّ: بياءين، ابن زيد: المبلس الذي قد نزل به البلاء والشّرّ. الفرّاء: ينقطع كلامهم وحججهم. أبو عبيدة: يندمون، وأنشد:
يا صاح هل تعرف رسمًا مكرسا ** قال نعم أعرفه وأبلسا

وقرأ السلمي {يُبْلسُ} بفتح اللاّم، والأوّل أجود. {وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مّن شُرَكَآئهمْ} أوثانهم التي عبدوها من دون الله ليشفعوا لهم {شُفَعَاءُ وَكَانُوا بشُرَكَآئهمْ كَافرينَ} جاحدين وعنهم متبرّين.
{وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يَوْمَئذٍ يَتَفَرَّقُونَ فَأَمَّا الذين آمَنُوا وَعَملُوا الصالحات فَهُمْ في رَوْضَةٍ} بستان {يُحْبَرُونَ} قال ابن عبّاس: يكرمون. مجاهد وقتادة: ينعمون. أبو عبيدة: يسرّون، ومنه قيل: كلّ حبرة تتبعها عبرة. وقال العجاج:
فالحمدُ لله الذي أعطى الحبر ** موالي الحقّ إن المولى شكر

أي السرور. وقال بعضهم: الحبرة في اللغة كلّ نعمة حسنة. والتّحبير: التحسين. ومنه قيل للمداد: حبر لأنّه يُحسّن به الأوراق. والعالم: حبْر لأنّه متخلّق بأخلاق حسنة، وقال الشاعر: يحبرها الكاتب الحميري. وقيل: يحبرون يلذّذون بالسّماع.
أخبرنا عبدالله بن حامد، عن حامد بن محمد بن عبدالله عن محمد بن يونس، عن روح عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير {فَهُمْ في رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} قال: السماع في الجنّة.
أخبرني الحسين بن محمد بن عبدالله عن ابن شنبه، عن عمير بن مرداس عن سلمة بن شبيب عن عبد القدّوس بن الحجّاج قال: سمعت الأوزاعي يقول: {في رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} قال: السّماع. وقال: إذا أخذ في السّماع لم يبق في الجنّة شجرة إلاّ وَرّدَت. وبه عن سلمة بن شبيب عن داود بن الجرّاح، العسقلاني قال: سمعت الأوزاعي يقول: ليس أحد ممّن خلق الله أحسن صوتًا من إسرافيل؛ فإذا أخذ في السّماع قطع على أهل سبع سماوات صلاتهم وتسبيحهم.
وأخبرنا الحسين بن محمد الدينوري، عن أحمد بن الحسن بن ماجه القزويني، عن الحسن ابن أيّوب، عن عبدالله بن عراد الشيباني قالا: أخبرنا القاسم بن مطيب العجلي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجنّة مائة درجة، ما بين كلّ درجتين منها كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها سموًّا وأوسطها محلّه، ومنها تنفجر أنهار الجنّة، وعليها يوضع العرش يوم القيامة».
فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله إنّي رجل حُبّب إليّ الصّوت، فهل في الجنّه صوت حسن؟ قال: إي والذي نفسي بيده، إنَّ الله سبحانه ليوحي إلى شجرة في الجنّة أن أسمعي عبادي الذين اشتغلوا بعبادتي وذكري عن عَزف البرابط والمزامير، فترفع صوتًا لم يسمع الخلائق مثله قط من تسبيح الرّبّ وتقديسه.
وأخبرني الحسين بن محمد عن هارون، عن محمّد بن هارون العطّار، عن حازم بن يحيى الحلواني، عن الوليد بن عبد الملك، عن مسروح الحرّاني، عن سليمان بن عطاء، عن سلمة بن عبدالله الجهني، عن عمّه، عن أبي الدرداء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكّر الناس فذكر الجنّة وما فيها من الأزواج والنعيم وفي آخر القوم أعرابي فجثا لركبتيه وقال: يا رسول الله هل في الجنّة من سماع؟ قال: «نعم يا إعرابي إنّ في الجنّة لنهرًا حافتاه الأبكار من كلّ بيضاء خوصانية، يتغنّين بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها، فذلك أفضل نعيم أهل الجنّة».
قال: فسألت أبا الدرداء بمَ يتغنّين؟ قال: بالتسبيح إن شاء الله. قال: والخوصانية: المرهفة الأعلى الضخمة الأسفل. وأخبرني الحسين بن محمد عن أحمد بن محمد بن علي الهمداني عن علي بن سعيد العسكري قال: أخبرني أبو بدر عبّاد بن الوليد الغُبري، عن محمّد ابن موسى الخراساني عن عبدالله بن عرادة الشيباني، عن القاسم بن مطيب عن مغيرة عن إبراهيم قال: إنّ في الجنّة لأشجارًا عليها أجراس من فضّة فإذا أراد أهل الجنّة السماع بعث الله عزّ وجلّ ريحًا من تحت العرش فتقع في تلك الأشجار فتحرّك تلك الأجراس بأصوات لو سمعها أهل الأرض لماتوا طربًا.
وأخبرني الحسين، عن أبي شنبه وعبدالله بن يوسف قالا: قال محمد بن عمران، عن محمد بن منصور، قال: أخبرني يحيى بن أبي الحجّاج، عن عبدالله بن مسلم عن مولى لبني أُميّة يقال له: سليمان، قال: سمعت أبا هريرة يسأل: هل لأهل الجنّة من سماع؟قال: نعم، شجرة أصلها من ذهب وأغصانها فضّة وثمرها اللؤلؤ والزّبرجد والياقوت بعث الله سبحانه وتعالى ريحًا فيحكّ بعضها بعضًا، فما سمع أحد شيئًا أحسن منه.
قوله: {وَأَمَّا الذين كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بآيَاتنَا وَلقَاء الآخرة فأولئك في العذاب مُحْضَرُونَ فَسُبْحَانَ الله} فصلّوا لله {حينَ تُمْسُونَ} وهو صلاة العصر والمغرب {وَحينَ تُصْبحُونَ} صلاة الصبح {وَلَهُ الحمد في السماوات والأرض وَعَشيًّا} وهو صلاة العشاء الآخرة. أيّ وسبّحوه عشيًا {وَحينَ تُظْهرُونَ} صلاة الظهر.
أخبرنا عبدالله بن حامد الوزّان عن أحمد بن محمد بن الحسين الحافظ، عن محمد بن يحيى، عن عبدالرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين قال نافع بن الأزرق لابن عبّاس: هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟ قال: نعم {فَسُبْحَانَ الله حينَ تُمْسُونَ وَحينَ تُصْبحُونَ}. إلى قوله: {وَحينَ تُظْهرُونَ}.
حدّثنا أبو بكر بن عبدوس قال: حدّثني أبو بكر الشرقي قال: حدّثني أبو حاتم الرازي قال: حدّثني أبو صالح كاتب الليث، حدّثني الليث، عن سعيد بن بشير، عن محمد بن عبد الرحمن السلماني، عن أبيه، عن ابن عبّاس، عن النبيّ صلّى الله عليه قال: «من قال حين يصبح {فَسُبْحَانَ الله حينَ تُمْسُونَ وَحينَ تُصْبحُونَ}. إلى قوله: {وَكَذَلكَ تُخْرَجُونَ} أدرك ما فاته في يومه، ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته».
وأخبرني محمد بن القاسم بن أحمد قال: كتب إليّ عمر بن أحمد بن عثمان البغدادي أنّ زيد بن محمد بن خلف القرشي حدّثهم عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمي، عن الماضي بن محمد عن جويبر، عن الضحّاك عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: {فَسُبْحَانَ الله حينَ تُمْسُونَ وَحينَ تُصْبحُونَ} هذه الآيات الثلاث من سورة الروم وآخر سورة الصافات دبر كلّ صلاة يصلّيها كُتبَ له من الحسنات عدد نجوم السماء وقطر المطر وعدد ورق الشجر وعدد تراب الأرض، فإذا مات أُجري له بكلّ حسنة عشر حسنات في قبره».
وأخبرني عبدالله بن فنجويه، عن ابن شنبه وأحمد بن جعفر بن حمدان والفضل بن الفضل قالوا: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن بهرام الزنجاني، عن الحجّاج بن يوسف بن قتيبة بن مسلم، عن بشر بن الحسين، عن الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سرّه أن يكال له بالقفيز الأوفى فليقل: {فَسُبْحَانَ الله حينَ تُمْسُونَ وَحينَ تُصْبحُونَ}. إلى قوله: {وَكَذَلكَ تُخْرَجُونَ} {سُبْحَانَ رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصفُونَ} [الصافات: 180]. إلى قوله: {والحمد للَّه رَبّ العالمين} [الصافات: 182]».
وأخبرني ابن فنجويه عن عمر بن أحمد بن القاسم عن محمد بن عبد الغفّار عن حبارة بن المغلس عن كثير عن الضحاك قال: من قال: {فَسُبْحَانَ الله حينَ تُمْسُونَ} إلى آخر الآية كان له من الأجر كعدل مائتي رقبة من ولد إسماعيل عليه السلام.
وأخبرني ابن فنجويه عن ابن شنبه عن علي بن محمد الطيالسي، عن يحيى بن آدم عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد العمي، عن محمد بن واسع، عن كعب قال: من قال حين يصبح: {فَسُبْحَانَ الله حينَ تُمْسُونَ وَحينَ تُصْبحُونَ} إلى آخر الآية، لم يفتهُ خير كان في يومه ولم يدركه شرّ كان فيه، ومن قالها حين يمسي لم يدركه شرّ كان في ليله ولم يفتهُ خير كان في ليله، وكان إبراهيم خليل الله صلّى الله عليه يقولها في كلّ يوم وليلة ست مرّات.
{يُخْرجُ الحي منَ الميت وَيُخْرجُ الميت منَ الحي وَيُحْي الأرض بَعْدَ مَوْتهَا وَكَذَلكَ تُخْرَجُونَ وَمنْ آيَاته أَنْ خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ} يعني آدم عليه السلام.
{ثُمَّ إذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشرُونَ} يعني ذُريته.
{وَمنْ آيَاته أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسكُمْ أَزْوَاجًا} من جنسكم ولم يجعلهنّ من الجنّ، وقيل: من ضلع آدم وقيل: من نطف الرجال.
{وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً} أُلفة ومحبّة {وَرَحْمَةً إنَّ في ذَلكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} أخبرني الحسين بن محمد، عن موسى بن محمد بن علي قال: أخبرني أبو شعيب الحراني، عن يحيى بن عبدالله البابلي، عن صفوان بن عمرو، عن المشيخة أنَّ رجلًا أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبيّ الله لقد عجبتُ من أمر وإنَّه لعجب، إنّ الرجل ليتزوّج المرأة وما رآها وما رأتهُ قط حتى إذا ابتنى بها اصطحبا وما شيء أحبّ إليهما من الآخر.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} {وَمنْ آيَاته خَلْقُ السماوات والأرض واختلاف أَلْسنَتكُمْ} فعربي وأعجمي».
{وَأَلْوَانكُمْ} أبيض وأسود وأحمر وأنتم وُلْد رجل واحد وامرأة واحدة.
{إنَّ في ذلك لآيَاتٍ لّلْعَالَمينَ} بكسر اللاّم حفص، والياقوت بفتحها.
{وَمنْ آيَاته مَنَامُكُم بالليل والنهار وابتغآؤكم مّن فَضْله إنَّ في ذَلكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ وَمنْ آيَاته يُريكُمُ البرق خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزّلُ منَ السماء مَاءً فَيُحْيي به الأرض بَعْدَ مَوْتهَا إنَّ في ذَلكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يَعْقلُونَ} وحذف أنْ من قوله: {يريكم} لدلالة الكلام عليه، كقول طرفه:
ألا أيهذا الزاجري احضر الوغى ** وإن اشهد اللذات هل أنت مخلدي

أراد أنْ أَحضَر. وقيل: هو على التقدّيم والتأخير تقديره: ويريكم البرق خوفًا، من آياته.
{وَمنْ آيَاته أَن تَقُومَ السماء والأرض بأَمْره ثُمَّ إذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مّنَ الأرض} أي من قبوركم، عن ابن عبّاس {إذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ} منها، وأكثر العلماء على أنَّ معنى الآية ثمّ إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون من الأرض.
{وَلَهُ مَن في السماوات والأرض كُلٌّ لَّهُ قَانتُونَ وَهُوَ الذي يَبْدَؤُا الخلق ثُمَّ يُعيدُهُ} فقرأ ابن مسعود: يبدي، ودليله قوله: {إنَّهُ هُوَ يُبْدىءُ وَيُعيدُ} [البروج: 13].